محاولة إجتياح عدن .. تحليل موقف
يمنات
خالد سلمان
لا احد سعيد سوى تجار الدم والجنون ،حين يسمع احتفالات انتصار الدم على الدم،في ساحات المغامرات الطائشة.
هذا اول شيء يصيبك بخضة ورعب ،من محاولة إجتياح عدن ،وفرض ميزان قوة جديد، يكسر حالة اللاحرب واللاسلم ،ويفرض مفاعيله الجديدة على الأرض، لصالح خيارات لم يعد احد يطيق التعاطي معها ،سوى قوى وقفت أحلامها السياسية ،وقدرتها على ادارة الصراع عند ٩٤، وان في مفهومها لا قدرة سوى الحرب لفرض تسوية قابلة للحياة ، ومرضى عنها بالقوة القهرية، من قبل جميع الاطراف المتصارعة.
الحرب المستمرة لسنوات ست ،اسقطت ذهنية كسر تطلعات الآخر عنوة ،وإعادة انتاج مخارج عنفية لا تعتمد على المقاربات الجديدة ، مقاربات ينبغي لها ان تغادر ذهنية تطويع المختلف بالقوة العسكرية، والاستقواء بالغلبة العددية، والقبلية والشوكة المذهبية.
محاولة إجتياح عدن صبيحة اليوم، لن يغير التوازنات، ولن يستحضر مرة ثانية، لغة ما قبل عقد ونصف من الزمن ،وهي لغة أنتجت اللحظة السياسية الشعورية الراهنة، اَي أطاحت بفكرة الوحدة من الوجدان العام، بما هي علية راهناً من تهميش وإقصاء، واستحواذ على السلطة والثروات وإحتكار القرار.
على القوة المغامرة ان تدرك حقيقة واحدة، ان اليمن لم يعد ذلك الذي كان عليه ،وان كثيراً من الدمار والدماء الغزيرة والمظالم ،يستوجب خلق مقاربات جديدة ،تستنبط الحلول وتجفف الأسباب الحقيقية والجذور الكامنة، وراء الحرب الراهنة وكل حروبنا القادمة،وهي فرض الخيار الأحادي بالقوة ،حتى وان كان ذلك الخيار تحت مسمى الوحدة ،الذي ذبل وضمر واعتراه الكثير من الضعف وعدم القبول.
نعم كانت الوحدة حلم كل الناس ،الآن علينا ان نعترف انها لم تعد كذلك، لدى قطاعات واسعة من كل الجغرافيا، مضارة من نهج القوى التقليدية النهبوية المحافظة ،الوحدة تم الغدر بها، وذبحت بحراب الاطماع الداخلية والخارجية، ودفع ثمنها نزفاً دائماً ابناء الجنوب والشمال على حد سواء.
الحقيقة التي ترفض إدراكها قوى الهيمنة والنفوذ ،ان التاريخ لا يعيد نفسه تعسفياً ،وان الاحداث تتدحرج نحو الأسوأ ، وان التمسك بوحدة الضم القسري لاتعني سوى مزيداً من الدماء، التي تستولد الكثير من المآسي والتضحيات العبثية، غير المنتجة لأي من الحلول.
مرة أخرى الوحدة بما كانت عليه تم كتابة بيان نعيها في حرب ٩٤،ولن تعيدها إلى الحياة بما كانت عليه، ليست من احلام راود جيل الوطنيين ،بل من بشاعات الراهن ، اَي حرب قادمة.
لا خيار امام القوى التقليدية، وهي تدمر الشمال والجنوب على حد سواء ، سوى التفكير بالخيارات البديلة، وإقرار ان كل شيء قد تشظى ،وان الجنوب لديه خياراته الأخرى ى ومقارباته السياسية المختلفة،وان لا حل سوى بالبحث السياسي غير الدموي عن الحلول السلمية التفاوضية الوسط ،والخروج بصيغة تحفظ ما تبقى من اللُحمة الوطنية المتهتكة ،والدم المستنزف.
القوة الحربية لن تعيد الوحدة، بل ستنقلنا من معطى الشطرين، إلى الأشطار المتعددة.
الواقعية السياسية المنفتحة على حقوق الآخر ،هي وحدها الحل، ومن دونها ،خارطة نازفة مدججة، بحروب تفكيك لا تنتهي.
من حائط الكاتب على الفيسبوك